عمان - لم تستطع ناهدة جبري، إدراك سبب تلك النظرة الاجتماعية غير المفهومة تجاه ابنتها العشرينية التي ولدت بمرافقة "متلازمة داون"، التي تجعلها تعاني من ضعف بسيط في النمو العقلي.
وعلى مدى أعوام طوال، حاولت جبري جاهدة، مقاومة النظرة الاجتماعية الى حالة ابنتها وتغييرها، بمنحها اهتماما خاصا، وإلحاقها بمدرسة للتعلم الأكاديمي وصقل شخصيتها وإكسابها مهارات ضرورية للحياة، ورفض أي نوع من الأوصاف المسيئة لإعاقتها.
وبين الحين والآخر، لا تتوقف الابنة عن طرح تساؤلات ملحاحة على والدتها تتعلق بتلك النظرة الغريبة التي تشعر بها، جراء أشكال تعاطي الآخرين معها، التي يمكن تصنيفها بدرجات متفاوتة من الإساءة، قد تكون نفسية ومعنوية قاسية، بحسب جبري.
وتقول جبري التي تعمل أمينة سر جمعية أهالي وأصدقاء الأشخاص المعوقين إلى "الغد"، بمناسبة اليوم العالمي للاحتفال بالمعوقين الذي يصاف الثالث من كانون الأول (ديسمبر) من كل عام، إنها دائما ما تواجه أزمة اجتماعية مع الآخرين، لتقبل حالة ابنتها، موضحة أن المجتمع يتعامل مع الشخص المعوق على أنه مخلوق "غير مرئي" ومهمل إلى أبعد الحدود إنسانيا واجتماعيا، وأنه ما يزال لا يقبل بالاختلاف.
وفي هذا الصدد، كشفت دراسة محلية حديثة محكمة أجرتها أستاذة التربية الخاصة في جامعة الطفيلة التقنية الدكتورة سهام الخفش، عن أشكال العنف الموجه ضد أطفال معوقين، مشخصة فيما إذا كانت الإعاقة العقلية، تعد محركا أساسيا لوقوع العنف على ذوي الإعاقة وأمهاتهم.
ورصدت الدراسة عينة مثلت 225 أما وطفلا في محافظة الطفيلة، وتعرضت لنسبة انتشار الإعاقة المقدرة بـ3% من إجمالي سكان المحافظة البالغ عدد أفرادها 75290 نسمة.
واستنادا إلى تفاوت أنواع الإساءة بين الجسدية والجنسية والنفسية والإهمال للمعوق، تصدر "الدعاء بتمني الموت" للأبناء المعوقين، النسبة المعيارية الأعلى بين جملة السلوكيات، تلاها عدم تعزيز أي سلوك إيجابي للمعوق، بينما جاء حرمان المعوق من ملابس العيد وتفضيل منحها للإخوة الآخرين في المرتبة الثالثة، وفقا للمقياس المعياري.
وبحسب الدراسة التي حصلت "الغد" على نسخة منها، أظهرت أشكالا أخرى من العنف، من بينها "البصق على المعوق والتلفظ بألفاظ نابية"، وعدم صرف أي مبلغ عليه من جهة الأب، بحيث احتلت مقياسيا معياريا مرتفعا.
واشتملت الممارسات أيضا على: ضرب المعوق وتقييده وحبسه، وحرمانه من المشاركة في النشاطات الأسرية أو الظهور أمام الزوار، وتوبيخه وتحقيره وحرمانه من الأكل والشرب أو الدواء، وعدم إلحاقه بمراكز الإعاقة.
ولم تخل الممارسات من إساءة جنسية للمعوق، تمثلت في خلع الأهل للملابس الداخلية أو الجماع أمامه أو مشاهدة أفلام إباحية، إضافة الى استغلاله جنسيا وإن كانت بمقياس معياري أقل، لربط ذلك بعادات المجتمع وتمسكه بالتقاليد والتعاليم الإسلامية.
وأظهرت الدراسة أيضا، أن عنفا جسديا قليلا مورس على الأبناء المعوقين، مؤكدة على أن تدني وعي الأم في محاكاة أبنائها، وضعف الوضع الاقتصادي لها، من أبرز العوامل التي عززت من وقوع العنف على الأبناء المعوقين.
وشخصت الدراسة، أشكال الإساءة التي تتعرض لها الأم من جهة الزوج، لتكون باعثا محفزا على وقوع الإساءة بالمحصلة، بحيث أظهرت أن المتعلمات هن أقل عرضة للعنف لما لهن من قيمة اجتماعية، بينما تمثلت أشكال الإساءة في عدم الاهتمام بالأم في مرضها، وصفعها على الوجه، وتلبية رغبات الأهل عبر تهديدها بالزواج من أخرى، بنسب معيارية متفاوتة.
ومن ضمن السلوكيات الأخرى: تحميل الزوج للأم مسؤولية إنجاب طفل معوق، والعبوس الدائم في وجهها والإعراض عن الحديث معها، وتحقيرها أمام الآخرين وسبها وشتمها، عدا عن ركلها، وطردها من بيت زوجها ومنع أهلها من دخوله.
وتشير الخفش الى توافق نتائج دراستها دراسات سابقة محلية وأجنبية منشورة، موصية الجهات المعنية بإجراء دراسات مماثلة على عينة أوسع، مع تناول متغيرات أخرى لقياس مدى تأثيرها على تحريك الإساءة، وتشديدها أيضا على تكثيف التوعية باتجاهين لأهالي المعوقين والمجتمع.
وفي سياق متصل، لم تستقبل إدارة حماية الأسرة أية شكوى حول وقوع إيذاء جسدي أو جنسي ضد أطفال معوقين بحسب مديرها العميد محمد الزعبي، ما اعتبره مؤشرا إيجابيا على عدم تسجيل حالات عنف.
بيد أن الزعبي بين سابقا خلال المؤتمر الوطني لشؤون المعوقين أن غياب الثقافة القانونية لدى أهالي المعوقين والمعوقين أنفسهم، قد يكون عاملا في عدم التقدم بالشكوى، رغم وجود تشريعات تحمي المعوقين، وتستند إلى أحكام قانون العقوبات وأصول المحاكمات الجزائية وغيرها من التشريعات.
وفي دراسة مختلفة أجراها مدير الأكاديمية الأردنية للتوحد الدكتور جمال الدلاهمة استطلع فيها آراء عاملين في مركز للرعاية الحكومية، بين أن 60% من العاملين لم يسبق لهم الاطلاع على تقارير أو دراسات حول ظاهرة العنف والاستغلال للأشخاص المعوقين.
وأشار الى أن 60% من أسر الأشخاص المعوقين تعاني ظروفا اقتصادية واجتماعية وضغوطات، قد تكون أبرز المسببات الرئيسة للعنف ضد أبنائهم المعوقين داخل أسوار المنازل.
كما بينت أن 70% من أهالي المعوقين من أولياء الأمور، يشعرون بأنهم يمارسون العنف ضد أبنائهم المعوقين بشكل مفرط، وبطرق أقسى مقارنة بأبنائهم العاديين، وأكدوا على أن الإعاقة هي الدافع الرئيسي لذلك، بخاصة مع الأطفال الذين يمتلكون قدرات عقلية ضعيفة جدا.
ويوجز الدلاهمة دوافع وقوع الإساءة على المعوقين إلى وجود قصور في العائلة أو معاناتها من التفكك الأسري، أو كبر حجم الأسرة وزيادة الأعباء، إضافة إلى جهل الوالدين بأساليب التربية السليمة، ولجوئهما إلى العنف كوسيلة للسيطرة على سلوك الشخص المعوق.
الدكتورة شادن عليوات الحائزة على دكتوارة في التربية الخاصة، وتعاني إعاقة بصرية منذ كانت في الثامنة عشرة، اعتبرت أن محاولة المجتمع مساعدة الشخص ذوي الإعاقة سواء في قطع الشارع أو الركوب في المواصلات العامة وغيرها، تمارس بطريقة تحمل إساءة أكبر، بعيدة عن مراعاة خصوصيته أو احتياجاته، ومن منطلق الشفقة.
وترفض عليوات من جهتها التعامل مع ذوي الإعاقات من باب العطف والإحسان، مشددة على ضرورة تغيير اتجاهات تفكير المجتمع عبر وسائل الإعلام تجاه المعوقين، وتحويل الاهتمام بهم من "الرعائي إلى الحقوقي".
عروبه البدور
وعلى مدى أعوام طوال، حاولت جبري جاهدة، مقاومة النظرة الاجتماعية الى حالة ابنتها وتغييرها، بمنحها اهتماما خاصا، وإلحاقها بمدرسة للتعلم الأكاديمي وصقل شخصيتها وإكسابها مهارات ضرورية للحياة، ورفض أي نوع من الأوصاف المسيئة لإعاقتها.
وبين الحين والآخر، لا تتوقف الابنة عن طرح تساؤلات ملحاحة على والدتها تتعلق بتلك النظرة الغريبة التي تشعر بها، جراء أشكال تعاطي الآخرين معها، التي يمكن تصنيفها بدرجات متفاوتة من الإساءة، قد تكون نفسية ومعنوية قاسية، بحسب جبري.
وتقول جبري التي تعمل أمينة سر جمعية أهالي وأصدقاء الأشخاص المعوقين إلى "الغد"، بمناسبة اليوم العالمي للاحتفال بالمعوقين الذي يصاف الثالث من كانون الأول (ديسمبر) من كل عام، إنها دائما ما تواجه أزمة اجتماعية مع الآخرين، لتقبل حالة ابنتها، موضحة أن المجتمع يتعامل مع الشخص المعوق على أنه مخلوق "غير مرئي" ومهمل إلى أبعد الحدود إنسانيا واجتماعيا، وأنه ما يزال لا يقبل بالاختلاف.
وفي هذا الصدد، كشفت دراسة محلية حديثة محكمة أجرتها أستاذة التربية الخاصة في جامعة الطفيلة التقنية الدكتورة سهام الخفش، عن أشكال العنف الموجه ضد أطفال معوقين، مشخصة فيما إذا كانت الإعاقة العقلية، تعد محركا أساسيا لوقوع العنف على ذوي الإعاقة وأمهاتهم.
ورصدت الدراسة عينة مثلت 225 أما وطفلا في محافظة الطفيلة، وتعرضت لنسبة انتشار الإعاقة المقدرة بـ3% من إجمالي سكان المحافظة البالغ عدد أفرادها 75290 نسمة.
واستنادا إلى تفاوت أنواع الإساءة بين الجسدية والجنسية والنفسية والإهمال للمعوق، تصدر "الدعاء بتمني الموت" للأبناء المعوقين، النسبة المعيارية الأعلى بين جملة السلوكيات، تلاها عدم تعزيز أي سلوك إيجابي للمعوق، بينما جاء حرمان المعوق من ملابس العيد وتفضيل منحها للإخوة الآخرين في المرتبة الثالثة، وفقا للمقياس المعياري.
وبحسب الدراسة التي حصلت "الغد" على نسخة منها، أظهرت أشكالا أخرى من العنف، من بينها "البصق على المعوق والتلفظ بألفاظ نابية"، وعدم صرف أي مبلغ عليه من جهة الأب، بحيث احتلت مقياسيا معياريا مرتفعا.
واشتملت الممارسات أيضا على: ضرب المعوق وتقييده وحبسه، وحرمانه من المشاركة في النشاطات الأسرية أو الظهور أمام الزوار، وتوبيخه وتحقيره وحرمانه من الأكل والشرب أو الدواء، وعدم إلحاقه بمراكز الإعاقة.
ولم تخل الممارسات من إساءة جنسية للمعوق، تمثلت في خلع الأهل للملابس الداخلية أو الجماع أمامه أو مشاهدة أفلام إباحية، إضافة الى استغلاله جنسيا وإن كانت بمقياس معياري أقل، لربط ذلك بعادات المجتمع وتمسكه بالتقاليد والتعاليم الإسلامية.
وأظهرت الدراسة أيضا، أن عنفا جسديا قليلا مورس على الأبناء المعوقين، مؤكدة على أن تدني وعي الأم في محاكاة أبنائها، وضعف الوضع الاقتصادي لها، من أبرز العوامل التي عززت من وقوع العنف على الأبناء المعوقين.
وشخصت الدراسة، أشكال الإساءة التي تتعرض لها الأم من جهة الزوج، لتكون باعثا محفزا على وقوع الإساءة بالمحصلة، بحيث أظهرت أن المتعلمات هن أقل عرضة للعنف لما لهن من قيمة اجتماعية، بينما تمثلت أشكال الإساءة في عدم الاهتمام بالأم في مرضها، وصفعها على الوجه، وتلبية رغبات الأهل عبر تهديدها بالزواج من أخرى، بنسب معيارية متفاوتة.
ومن ضمن السلوكيات الأخرى: تحميل الزوج للأم مسؤولية إنجاب طفل معوق، والعبوس الدائم في وجهها والإعراض عن الحديث معها، وتحقيرها أمام الآخرين وسبها وشتمها، عدا عن ركلها، وطردها من بيت زوجها ومنع أهلها من دخوله.
وتشير الخفش الى توافق نتائج دراستها دراسات سابقة محلية وأجنبية منشورة، موصية الجهات المعنية بإجراء دراسات مماثلة على عينة أوسع، مع تناول متغيرات أخرى لقياس مدى تأثيرها على تحريك الإساءة، وتشديدها أيضا على تكثيف التوعية باتجاهين لأهالي المعوقين والمجتمع.
وفي سياق متصل، لم تستقبل إدارة حماية الأسرة أية شكوى حول وقوع إيذاء جسدي أو جنسي ضد أطفال معوقين بحسب مديرها العميد محمد الزعبي، ما اعتبره مؤشرا إيجابيا على عدم تسجيل حالات عنف.
بيد أن الزعبي بين سابقا خلال المؤتمر الوطني لشؤون المعوقين أن غياب الثقافة القانونية لدى أهالي المعوقين والمعوقين أنفسهم، قد يكون عاملا في عدم التقدم بالشكوى، رغم وجود تشريعات تحمي المعوقين، وتستند إلى أحكام قانون العقوبات وأصول المحاكمات الجزائية وغيرها من التشريعات.
وفي دراسة مختلفة أجراها مدير الأكاديمية الأردنية للتوحد الدكتور جمال الدلاهمة استطلع فيها آراء عاملين في مركز للرعاية الحكومية، بين أن 60% من العاملين لم يسبق لهم الاطلاع على تقارير أو دراسات حول ظاهرة العنف والاستغلال للأشخاص المعوقين.
وأشار الى أن 60% من أسر الأشخاص المعوقين تعاني ظروفا اقتصادية واجتماعية وضغوطات، قد تكون أبرز المسببات الرئيسة للعنف ضد أبنائهم المعوقين داخل أسوار المنازل.
كما بينت أن 70% من أهالي المعوقين من أولياء الأمور، يشعرون بأنهم يمارسون العنف ضد أبنائهم المعوقين بشكل مفرط، وبطرق أقسى مقارنة بأبنائهم العاديين، وأكدوا على أن الإعاقة هي الدافع الرئيسي لذلك، بخاصة مع الأطفال الذين يمتلكون قدرات عقلية ضعيفة جدا.
ويوجز الدلاهمة دوافع وقوع الإساءة على المعوقين إلى وجود قصور في العائلة أو معاناتها من التفكك الأسري، أو كبر حجم الأسرة وزيادة الأعباء، إضافة إلى جهل الوالدين بأساليب التربية السليمة، ولجوئهما إلى العنف كوسيلة للسيطرة على سلوك الشخص المعوق.
الدكتورة شادن عليوات الحائزة على دكتوارة في التربية الخاصة، وتعاني إعاقة بصرية منذ كانت في الثامنة عشرة، اعتبرت أن محاولة المجتمع مساعدة الشخص ذوي الإعاقة سواء في قطع الشارع أو الركوب في المواصلات العامة وغيرها، تمارس بطريقة تحمل إساءة أكبر، بعيدة عن مراعاة خصوصيته أو احتياجاته، ومن منطلق الشفقة.
وترفض عليوات من جهتها التعامل مع ذوي الإعاقات من باب العطف والإحسان، مشددة على ضرورة تغيير اتجاهات تفكير المجتمع عبر وسائل الإعلام تجاه المعوقين، وتحويل الاهتمام بهم من "الرعائي إلى الحقوقي".
عروبه البدور
الأحد مارس 17, 2013 3:50 pm من طرف Rawanalsoud
» اشترك معنا في صفحة عى الفيس بوك
الأربعاء فبراير 06, 2013 3:18 pm من طرف صهيب عثمان
» 49 نشاط لتنمية المهارات اللغوية عند الطفل
الأربعاء سبتمبر 12, 2012 6:55 pm من طرف صهيب عثمان
» غرف اوكسجين لاطفال التوحد..حديث
الأربعاء سبتمبر 12, 2012 6:42 pm من طرف صهيب عثمان
» رساله الى معلمي ودكتوري الدكتور جهاد ترك
السبت أغسطس 18, 2012 5:28 pm من طرف المدير
» رساله الى معلمي ودكتوري جهاد ترك
الثلاثاء أغسطس 14, 2012 12:01 pm من طرف ثائر عبد اللطيف الصغير
» محاولة اثراء
الثلاثاء يوليو 10, 2012 6:31 am من طرف صهيب عثمان
» فيديو مشكلات السلوك عند الاطفال
الأربعاء يوليو 04, 2012 3:38 pm من طرف صهيب عثمان
» الاعاقة العقلية
الأربعاء يوليو 04, 2012 3:30 pm من طرف صهيب عثمان